فصل: فصل الطائفة الثالثة: غلاة الجهمية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


فصل الطائفة الثالثة‏:‏ غلاة الجهمية

والقرامطة، والباطنية ومن تبعهم

وطريقتهم أنهم ينكرون الأسماء والصفات ولا يصفون الله تعالى‏:‏ إلا بالنفي المجرد عن الإثبات ويقولون ‏:‏ إن الله هو الموجود المطلق بشرط الإطلاق‏.‏ فلا يقال ‏:‏ هو موجود، ولا حي، ولا عليم، ولا قدير وإنما هذه أسماء لمخلوقاته أو مجاز، لأن إثبات ذلك يستلزم تشبيهه بالموجود الحي، العليم، القدير ويقولون ‏:‏ إن الصفة عين الموصوف، وإن كل صفة عين الصفة الأخرى فلا فرق بين العلم، والقدرة والسمع، والبصر ونحو ذلك‏.‏

وشبهتهم أنهم اعتقدوا أن إثبات الأسماء والصفات يستلزم التشبيه والتعدد ووجه ذلك في الأسماء أنه إذا سمي بها لزم أن يكون متصفًا بمعنى الاسم فإذا أثبتنا ‏"‏الحي‏"‏ مثلًا لزم أن يكون متصفًا بالحياة لأن صدق المشتق يستلزم صدق المشتق منه وذلك يقتضي قيام الصفات به وهو تشبيه‏.‏

وأما في الصفات فقالوا‏:‏ إن إثبات صفات متغايرة مغايرة للموصوف يستلزم التعدد وهو تركيب ممتنع مناقض للتوحيد‏.‏

والرد عليهم من وجوه‏:‏

الأول‏:‏ أن الله تعالى‏:‏ جمع فيما سمى ووصف به نفسه بين النفي والإثبات ‏"‏وقد سبق أمثلة من ذلك‏"‏ فمن أقر بالنفي وأنكر الإثبات فقد آمن ببعض الكتاب دون بعض، والكفر ببعض الكتاب كفر بالكتاب كله‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ منكرًا على بني إسرائيل‏:‏ ‏{‏أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 85‏]‏‏.‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلًا ‏.‏ أولئك هم الكافرون حقًا واعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 150‏:‏ 151‏]‏‏.‏

الثاني‏:‏ أن الموجود المطلق بشرط الإطلاق لا وجود له في الخارج المحسوس وإنما هو أمر يفرضه الذهن ولا وجود له في الحقيقة، فتكون حقيقة القول به نفي وجود الله تعالى‏:‏ إلا في الذهن، وهذا غاية التعطيل والكفر‏.‏

الثالث‏:‏ قولهم‏:‏ ‏"‏إن الصفة عين الموصوف وإن كل صفة عين الصفة الأخرى‏"‏ مكابرة في المعقولات، سفسطة في البدهيات، فإن من المعلوم بضرورة العقل، والحس أن الصفة غير الموصوف، وأن كل صفة غير الصفة الأخرى فالعلم غير العالم، والقدرة غير القادر، والكلام غير المتكلم، كما أن العلم والقدرة، والكلام، صفات متغايرة‏.‏

الرابع‏:‏ أن وصف الله تعالى‏:‏ بصفات الإثبات أدل على الكمال من وصفه بصفات النفي، لأن الإثبات أمر وجودي يقتضي تنوع الكمالات في حقه، وأما النفي فأمر عدمي لا يقتضي كمالًا إلا إذا تضمن إثباتًا وهؤلاء النفاة لا يقولون بنفي يقتضي الإثبات‏.‏

الخامس‏:‏ قولهم‏:‏ ‏"‏إن إثبات صفات متغايرة مغايرة للموصوف يستلزم التعدد‏.‏‏.‏‏"‏ قول باطل مخالف للمعقول، والمحسوس فإنه لا يلزم من تعدد الصفات تعدد الموصوف فها هو الإنسان الواحد يوصف بأنه حي، سميع بصير، عاقل متكلم إلى غير ذلك من صفاته ولا يلزم من ذلك تعدد ذاته‏.‏

السادس‏:‏ قولهم في الأسماء‏:‏ ‏"‏ إن إثباتها يستلزم أن يكون متصفًا بمعنى الاسم فيقتضي أن يكون إثباتها تشبيهًا ‏"‏‏.‏

جوابه‏:‏ أن المعاني التي تلزم من إثبات الأسماء صفات لائقة بالله تعالى‏:‏ غير مستحيلة عليه، والمشاركة في الاسم، أو الصفة لا تستلزم تماثل المسميات والموصوفات‏.‏

السابع‏:‏ قولهم‏:‏ ‏"‏إن الإثبات يستلزم تشبيهه بالموجودات‏"‏‏.‏

جوابه‏:‏ أن النفي ـ الذي قالوا به ـ يستلزم تشبيهه بالمعدومات على قياس قولهم وذلك أقبح من تشبيهه بالموجودات وحينئذ فإما أن يقروا بالإثبات فيوافقوا الجماعة، وإما أن ينكروا النفي كما أنكروا الإثبات فيوافقوا غلاة الغلاة من القرامطة والباطنية وغيرهم، وأما التفريق بين هذا وهذا فتناقض ظاهر‏.‏